أجمع مسئولون ومتحدثون شاركوا في أعمال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العلمي “الريادة والإبداع في تطوير الأعمال الصغيرة” أن ريادة الأعمال بمفهومها الواسع من أهم القضايا الملحة التي تحظى اليوم باهتمام عالمي واسع، وأرجعوا السبب في ذلك إلى الدور الذي تؤديه ريادة الأعمال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى دورها البارز في إشراك العديد من الفئات المجتمعية خاصة فئة الشباب في النشاط الاقتصادي، ولفتوا إلى أن ريادة الأعمال تعبر عن قدرة رائد الأعمال على قيادة التغيير، وأوضحوا أن ريادة الأعمال عملية ديناميكية تتطلب مهارات، ومعارف، وخبرات، وإمكانات تساعد على القيادة، وتحقيق الأهداف من خلال الأفكار المبدعة، ورأس المال، واستثمار الفرص.
وردت تلك الأقوال خلال أعمال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العلمي الخامس “الريادة والإبداع في تطوير الأعمال الصغيرة” الذي تنظمه كلية التجارة بالشراكة مع حاضنة الأعمال والتكنولوجيا بالجامعة الإسلامية، والاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، وبتمويل من البنك الدولي عبر صندوق تطوير الجودة، ومن المقرر أن تستمر أعمال المؤتمر يومي الثلاثاء والأربعاء الموافقين الخامس والسادس من آيار/ مايو الجاري، وانعقدت أعمال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في قاعة المؤتمرات الكبرى بمركز المؤتمرات بالجامعة بحضور الدكتور نصر الدين المزيني –رئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية، والدكتور كمالين كامل شعث –رئيس الجامعة، والأستاذ الدكتور سالم حلس –عميد كلية التجارة، والمهندس محمد المنسي –ممثل الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، والمهندس محمد سكيك –مدير حاضنة الأعمال والتكنولوجيا، وممثلون عن الوزارات والجامعات والمؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة، وجمع من قادة الفكر والباحثين والأكاديميين، ورؤساء لجان المؤتمر، ورؤساء اللجان العلمية، وجمع كبير من أعضاء هيئة التدريس والطلبة بكلية التجارة.
الجلسة الافتتاحية
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، لفت الدكتور المزيني إلى أن الريادة والإبداع في مفهومهما العام من المواضع الرئيسة في اقتصاديات الدول التي تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية، وأوضح الدكتور المزيني أن الإبداع لا يعتمد حصراً على الإبداعات والاختراعات الجديدة بل قد يكون حلاً جديداً مبدعاً لأشياء كانت مستعصية سابقاً، وأكد أن أي شخص يمكنه الوصول إلى نقطة الإبداع والريادة.
ونوه الدكتور المزيني إلى أن قطاع غزة يخلو من مقومات الإبداع والريادة، ومقومات الحياة الأساسية وأكد أنه وبالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها أبناء القطاع إلا أنهم يمتلكون من القوة، والعزيمة، والإصرار، والتحدي، ما يؤهلهم للوصول إلى قمة الإبداع والريادة، وتابع الدكتور المزيني حديثه قائلاً: “نجد الكثير من الشعوب والأمم تمتلك من المقومات التي تؤهلها للريادة والإبداع، إلا أن نفوس أبنائها مفرغة وخالية من مقومات الإبداع والمبادرة والعطاء”، وشدد الدكتور المزيني على أن عقد المؤتمر بقيمته العلمية والحضارية والريادية دليل واضح على إرادة الصمود والتحدي، وصورة من صور إبداع أبناء الشعب الفلسطيني.
توجيه بوصلة الاقتصاد الفلسطيني
من جانبه، أكد الدكتور شعث أن عملية إبراز الجهد والاهتمام هو رعاية وتشجيع للريادة والإبداع، وتوجيه لطاقات المجتمع نحو تطوير المشاريع الصغيرة وما يشمله من تطوير العلاقة بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الاقتصادي، فضلاً عن توجيه بوصلة الاقتصاد الفلسطيني نحو الانتاج والتصدير، والتشبيك مع قطاع الصناعة، وتصويب الوجهة الاجتماعية نحو الأعمال الريادية، وبين الدكتور شعث أن انعقاد المؤتمر بجوانبه الريادية والإبداعية، وما يصاحبه من افتتاح معرض “الريادة والإبداع” يمثل خطوة هامة نحو تحقيق العالمية للجامعات الفلسطينية عامة، والجامعة الإسلامية خاصة.
ونوه الدكتور شعث أنه بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها الجامعة إلا أن لها إسهامات واضحة في مجال الريادة، منها: مشروع “موائمة مهارات ومعارف طلبة قسم إدارة الأعمال لاحتياجات ومتطلبات سوق العمل الفلسطيني”، ومشروع حاضنة الأعمال والتكنولوجيا، ومشروع مبادرون (1،2)، ومشروع مبدعون (1،2)، وتوقيع العديد من اتفاقيات التعاون والشراكة في مجالات الريادة والإبداع والمبادرة، ووصف الدكتور المؤتمر بأنه مميز ويتماشى مع أداء الجامعة لدورها في خدمة المجتمع، واستكمالاً دورها في خدمة الوطن والإنساني.
اقتصاد المعرفة
بدوره، تحدث الأستاذ الدكتور حلس عن أهمية الريادة، وبين أن دورها في تنمية اقتصاديات الدول أصبح اليوم حقيقة لا جدال فيها خاصة بعد التحول الكبير للدول من اقتصاد رأس المال إلى اقتصاد المعرفة، وتناول الأستاذ الدكتور حلس التحديات التي واجهت الريادة في فلسطين على صعيد: التمويل، والتسويق، وتوفر المواد الخام، والتشريعات والقوانين، وضعف البحث العلمي في مجال الريادة والإبداع، وأكد الأستاذ الدكتور حلس أن أهمية المؤتمر تنبع من أهمية ريادة الأعمال ودورها في النهوض بالمشاريع الصغيرة، فضلاً عن إبراز ازدياد أعداد الخريجين من الجامعات الفلسطينية، وعدم مقدرة سوق العمل الفلسطيني على استيعابهم، وعجز المؤسسات العامة والخاصة عن توفير فرص عمل للشباب الخريجين، واستفحال مشكلة البطالة التي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة، وشكر الأستاذ الدكتور حلس البنك الدولي على دعمه للمؤتمر، ولمشروع “موائمة مهارات ومعارف طلبة قسم إدارة الأعمال لاحتياجات ومتطلبات سوق العمل”، وأثنى الأستاذ الدكتور حلس على جهود مشروع الفاخورة، ومؤسسة سبارك الهولندية في توفير الدعم اللازم لفعاليات المؤتمر والمعرض.
تطوير أداء الطلبة
من ناحيته، عبر المهندس المنسي عن اعتزاز الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية بالشراكة مع كلية التجارة وحاضنة الأعمال والتكنولوجيا في افتتاح فعاليات المؤتمر، وفي مشروع “موائمة مهارات ومعارف طلبة قسم إدارة الأعمال لاحتياجات ومتطلبات سوق العمل الفلسطيني”، وأكد المهندس المنسي على دور المؤسسات الأكاديمية في تطوير أداء الطلبة بما يتلاءم مع متطلبات سوق العمل، وأوضح أن الشراكة مع الجامعة الإسلامية جاءت من منطلق تحمل المسئولية تجاه تطوير أداء الطلبة، وأثنى المهندس المنسي على عمق العلاقة بين الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية والجامعة الإسلامية، التي أسهمت في جسر الفجوة بين القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية من خلال تنفيذ المشاريع البناءة.
الطاقات الإبداعية
ووقف المهندس سكيك على الهدف الرئيس من إنشاء حاضنة الأعمال والتكنولوجيا وهو الدعم في اتجاه تطوير الأنشطة الاقتصادية الصغيرة ذات الصلة بقطاع التكنولوجيا من خلال تقديم خدمات أعمال مهنية للرياديين الفلسطينيين الذين يمتلكون أفكار ناضجة لمنتجات فريدة وإبداعية في مجال التكنولوجيا، ولفت المهندس سكيك إلى اهتمام الحاضنة بتوثيق العلاقة بين الجامعات مع الصناعة المحلية والإقليمية، وتوفير البيئة المناسبة لتبني الطاقات الإبداعية وتحويلها لمنتجات تخدم المجتمع، وتحدث المهندس سكيك بشيء من التفصيل عن مشاريع الحاضنة، وبعثاتها الخارجية، وأهم إنجازاتها على الصعيد المحلي والعربي والدولي، وأفاد المهندس سكيك بمشاركة نحو (40) شركة ريادية في المعرض المصاحب لفعاليات المؤتمر، وأوضح أن فعاليات المعرض ستستمر حتى السابع من آيار/ مايو الجاري.
معرض الريادة والإبداع
وبعد انتهاء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، افتتح الدكتور المزيني، والدكتور شعث، والأستاذ الدكتور حلس، والمهندس المنسي، فعاليات معرض “الريادة والإبداع” المصاحب لحفل افتتاح المؤتمر، ويضم المعرض قطاعات متعددة، منها: الانتاجية، والتكنولوجية، والإعلامية، والتصميم، والأغذية والمشغولات اليدوية.
الجلسة الأولى
وشهدت فعاليات اليوم الأول للمؤتمر، انعقاد جلستين علميتين، حيث ترأس الجلسة العلمية الأولى الأستاذ الدكتور ماجد الفرا –عميد فرع الجامعة جنوب قطاع غزة، وقدم كل من: الدكتور منصور الأيوبي، والدكتورة آمال الحيلة –عضوا هيئة التدريس بكلية فلسطين التقنية –دير البلح- ورقة عمل حول دور الإبداع والابتكار في تعزيز التنافسية: دراسة حالة بنك فلسطين المحدود، ولفتا إلى أن مستوى أهمية البنية التحتية للإبداع، وإبداع الخدمة، وإبداع العملية، وتكييف استدامة الإبداع من وجهة نظر العاملين في بنك فلسطين المحدود محل الدراسة كان مرتفعاً، وأن مستوى تحقيق الميزة التنافسية (الجودة، التميز، سرعة الاستجابة) في بنك فلسطين المحدود محل الدراسة كان مرتفعاً، وشارك كل من الدكتور وائل الداية، والمهندسة أماني المقادمة، والأستاذة هيا الأغا –من الجامعة الإسلامية- بورقة عمل حول الوعي بحقوق الملكية لدى ريادي الأعمال في قطاع غزة، وأوضحوا أن الدراسة تهدف إلى قياس مدى وعي رياديي الأعمال المختصين في قطاع غزة بقوانين وأنظمة حقوق الملكية المعمول بها، وتحديد إلى أي مدى يشعر هؤلاء الريادين بأنهم بحاجة إلى تطبيق قوانين وأنظمة حقوق الملكية على مشاريعهم الخاصة، واستعرضت كل من الأستاذة سماح الصفدي، والأستاذة دينا أبو شعبان –من المؤسسة الفلسطينية للإقراض والتنمية –ورقة عمل حول مدى توظيف الشباب لمواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) في تنمية الفكر الإبداعي والريادية، وأكدت الباحثتان أهمية موقع الفيسبوك بالنسبة للرياديين على وجه الخصوص والخريجين بشكل عام، مع ضرورة اهتمام حاضنات الأعمال والمؤسسات الداعمة في تقديم خدماتهم من خلاله بهدف تنمية الفكر الإبداعي وتطوير المشاريع الخاصة بالرياديين عبر الفيسبوك، وتناول الدكتور نسيم أبو جامع –عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر- غزة- الائتمان المصرفي وتعزيز قدرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة الفلسطينية، وأوصى الدكتور أبو جامع بضرورة تطبيق مجموعة من السياسات والإجراءات التي من شأنها تحسين أداء المشاريع الصغيرة والمتوسطة لخدمة الاقتصاد الفلسطيني وتفعيلها من خلال توفير الخدمات الاستشارية والفنية وتقديمهما لتحسين الفرص الاستثمارية، وتشجيع المصارف العاملة في فلسطين على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بتكلفة منخفضة، ووقف الدكتور ناصر جبر –من وكالة الغوث الدولية- على أهداف وتحديات وضرورات دائرة التمويل الصغير في وكالة الغوث الدولية، وأوضح الدكتور جبر أن رسالة الدائرة تكمن في تحسين مستوى معيشة الفلسطينيين وفهم الرياديين وأصحاب المشاريع الصغيرة وذلك من خلال توفير خدمات مالية مستدامة باستخدام الأساليب الأمثل في صناعة التمويل الصغير، وتحدثت الأستاذة منى العلمي –من الشركة الفلسطينية للإقراض والتنمية “فاتن”- عن الهدف الرئيس لمؤسسات الإقراض بالغ الصغر في فلسطين وهو مكافحة الفقر في المجتمع الفلسطينيين، وتوفير فرص عمل مستدامة خصوصاً للنساء، وبينت الأستاذة العلمي أن مؤسسة “فاتن” تعد المؤسسة الوطنية الأولى الرائدة في مجال الإقراض الصغير ومتناهي الصغر.
الجلسة الثانية
وفيما يتعلق بالجلسة العلمية الثانية لفعاليات اليوم الأول للمؤتمر، فقد ترأسها الأستاذ الدكتور فارس أبو معمر –عضو هيئة التدريس بكلية التجارة بالجامعة الإسلامية، وتطرق كل من الأستاذ خالد نصار –من شركة جايدنس للاستشارات والتدريب، والمهندس صالح البلعاوي –من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، إلى التدريب من منظور إبداعي وانعكاساته على تأسيس وتطوير مشاريع أعمال صغيرة ريادية –دراسة استقصائية لآراء الرياديين- ونوها من خلال الدراسة إلى وجود تأثير ذو دلالة إحصائية لمجالات التدريب الإبداعي، هي: كفاءة المدرب، وإدارة الدورة التدريبية، والتشجيع على التعلم والمشاركة، وطرق التدريب، وفعاليات ختام الدورة التدريبية على تأسيس وتطوير مشاريع أعمال صغيرة ريادية، وبينا أن ذلك يدلل على كون ممارسة منظومة التدريب في حاضنات الأعمال وغيرها من الجهات بإبداعية له تأثير مباشر على تأسيس وتطوير تلك المشاريع، ولفتت كل من الأستاذة خلود الفليت –عضو هيئة التدريس بكلية التجارة والأستاذة سماح الصفدي –من المؤسسة الفلسطينية للإقراض والتنمية- إلى دور البرامج التدريبية في تنمية الإبداع لدى أصحاب المشاريع الصغيرة والرياديين، وأوصت الباحثان بضرورة إلزام أصحاب الأفكار الجديدة وأصحاب المشاريع بضرورة الحصول على برامج تدريبية مختلفة، واستعرض كل من الأستاذ يوسف عاشور –عضو هيئة التدريس بكلية التجارة، والباحث زكريا زعرب –ماجستير إدارة أعمال- المعوقات الإدارية التي تواجه أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة في جنوب القطاع، ومنها: ضعف التخطيط والتنظيم، والعديد من المشاكل في الهيكل التنظيمي والتدريب المهني لصاحب المشروع، والمنافسة، ونقص مصادر التمويل، والإجراءات الحكومية الخاصة بالمشاريع، وضعف القدرات التسويقية، وتطوير أساليب العمل الإداري ونظام الاتصال، وأوضح الأستاذ نبيل اسليم –المدير التنفيذي لمؤسسة إبداع –دور برامج إعداد القادة التدريبية في تعزيز المهارات القيادية لدى الشباب الفلسطينيين، ونوه الأستاذ اسليم إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية في دور برامج إعداد القادة التدريبية في تعزيز المهارات القيادية من وجهة نظر الشباب الفلسطيني المشارك في برامج إعداد القادة تُعزى إلى متغير المؤهل العلمي، وكشفت الدكتورة هالة الخزندار –عضو هيئة التدريس بقسم الهندسة الكهربائية بكلية الهندسة بالجامعة- عن أثر الريادة في التنمية المجتمعية، وبينت أن خصائص الأفراد وسماتهم لها أكبر الأثر في سلوكهم وأدائهم، ولفتت إلى أن الدراسة تسلط الضوء على مفهوم الفكر الريادي، وأدوات تطوير الفكر الريادي، وكيف يمكن تزويد الطلبة في الجامعات بسمات الريادة، وتناول الأستاذ محسن أبو رمضان –من المركز العربي للتطوير الزراعي في مجال الإقراض والتنمية- مسيرة عمل المركز، ومحاور العمل الرئيسة للمركز، وهي: الإقراض والتمويل وخاصة للمزارعين والمزارعات، وتنفيذ المشاريع الزراعية والتنموية، وتنفيذ المشاريع الخاصة بالضغط والمناصرة فيما يتعلق بحقوق المزارعين، وعرج الأستاذ فادي الطويل –مؤسس مدونة أفكار اقتصادية- على التمويل الجماعي كمفهوم جديد لدعم المشاريع بدلاً عن القروض، وبين قدرة الفلسطينيين العالية في إنشاء الحملات التسويقية للمشاريع مع النجاح في العديد منها، ووجود مصادر تمويل غير مستثمرة ومكدسة بشكل كبير في البنوك.